تضاءلت الآمال بشأن العثور على ناجين من حادث الغرق المأساوي، الذي وقع في البحر الأيوني، حيث لقي ما لا يقل عن 79 مهاجراً مصرعهم، مما يجعله واحدًا من أكثر الحوادث دموية في تاريخ أوروبا، وأكبر حادث غرق في البحر الأبيض المتوسط خلال العقد الأخير.

تنوعت المعلومات حول عدد المهاجرين الذين كانوا على متن القارب. ووفقاً لشهود العيان، كان بين 400 و750 شخصاً، بينهم 120 سورياً، فضلاً عن فلسطينيين ومصريين وباكستانيين وآخرين، يتواجدون في قارب صيد غرق في سواحل جنوب غرب اليونان، على بعد حوالي 80 كيلومتراً من بلدة بيلوس الساحلية.

وفقًا للتحقيقات، غادر القارب مصر فارغاً وتوجه إلى ليبيا، حيث استقله عددٌ من المهاجرين وكانت وجهتهم المفترضة إيطاليا. وتعرض القارب للغرق في المياه الدولية بالقرب من بيلوس الساحلية، بعد أن بقي محتجزاً لمدة 48 ساعة بين إيطاليا ومالطا واليونان.

وقد تم إنقاذ 104 شخصاً، بينهم 47 سورياً، من هذا الحادث المأساوي. ومن بين الضحايا أشخاصٌ هربوا من مناطق المصالحات الخاضعة لسيطرة النظام السوري في درعا وحمص وأيضًا من ريف دمشق.

تعتبر هذه الكارثة تذكيراً مؤلماً بمحنة المهاجرين الذين يخاطرون بحياتهم في محاولة للوصول إلى بلدان آمنة والبحث عن فرص أفضل. من المهم أن يجد المجتمع الدولي طرقاً لمعالجة هذه الأزمة الإنسانية وتقديم الدعم والحماية اللازمة للمهاجرين.

في أعقاب الكارثة التي شهدتها المياه الإقليمية قبالة شبه جزيرة مورا اليونانية، طالبت الأمم المتحدة بتوفير طرق آمنة ومنظمة للاجئين المضطرين إلى الفرار. وأشار ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة في نيويورك، إلى أهمية اجتماع الدول الأعضاء وتوفير ممرات آمنة لإنقاذ الأرواح في البحر.

وعبرت المفوضية العليا للاجئين عن قلقها الشديد تجاه الحادثة، معتبرة الوضع “مريعاً حقاً”. ووصفت حالة الناجين بأنها “مزرية جداً نفسياً”، مع تجاوز الكثير منهم حالة صدمة وانعدام الحرية.

في السياق نفسه، أكد متحدث مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ماثيو سالتمارس أهمية التحقيق في الاتهامات المتعلقة بالإهمال الذي يشتبه في حدوثه من قبل السلطات اليونانية وخفر السواحل. وأوضح أنه ليست لديهم حالياً معلومات مؤكدة وأنه من الضروري كشف الحقائق من خلال التحقيق.

من جهته، أعلن المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة فولكر تورك أن الحادثة أسفرت حتى الآن عن مصرع 78 شخصاً، في حين يتم البحث عن نحو 500 شخص، بما في ذلك الأطفال والنساء، الذين فقدوا في البحر.

ودعا تورك المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد مهربي البشر وتجار البشر، في محاولة لمنع تكرار مثل هذه الكوارث المأساوية.

إننا في الرابطة السورية لكرامة المواطن تلقينا ببالغ الأسى والحزن نبأ غرق المئات من السوريين في المياه الاقليمية اليونانية، وبعد كشف أسباب هذه الكارثة الفظيعة، فإننا نرغب في التأكيد على النقاط التالية:

  1. لا يزال السوريون يصرون على رفض العودة إلى سوريا تحت سلطة النظام، وبدلاً من ذلك يجدون أنفسهم مضطرين لاتخاذ قرارات تهدد حياتهم، وتصبح أجسادهم الطاهرة طعاماً لأسماك البحار. يجب أن نسلط الضوء على هذه الواقعة الصادمة وأن نعمل على حماية حقوق السوريين وسلامتهم.
  2. لاحظنا أن الأغلبية العظمى من الضحايا كانوا قد خرجوا من منطقة المصالحات في درعا، وهذا يشير إلى فشل روسيا والنظام في تحقيق أي أمان أو استقرار للمواطنين. يجب محاسبة المسؤولين عن هذا الفشل وضمان تحقيق بيئة آمنة وعيش كريم للسوريين أينما كانوا.
  3. نطالب بمحاسبة المسؤولين اليونانيين عن هذه الجريمة النكراء وتقديمهم للعدالة. يجب أن يتم التحقيق الجدي في هذه الكارثة ومحاسبة كل من تسبب فيها.
  4. نطالب بانتشال جثامين جميع الضحايا ومنح أهاليهم حق الدفن الكريم لأبنائهم. يجب أن تكون لهم فرصة الوداع الأخير .
  5. يجب أن ندرك أن هذه المآسي والكوارث لن تتوقف إلا إذا تم تحقيق حل سياسي شامل يتضمن توفير بيئة آمنة تضمن حياة كريمة للسوريين وعودة طوعية وآمنة وكريمة لجميع المهجرين. يجب على المجتمع الدولي العمل بجدية وجمع جهوده للتوصل إلى هذا الحل المنشود.
  6. يجب عدم التغاضي عن وجود هذا النظام المجرم وانتهاكاته المستمرة، فهو أحد أهم الأسباب التي تؤدي إلى تكرار هذه الكوارث الإنسانية المروعة. يجب أن نعمل معاً على إنهاء وجود هذا النظام وإعادة العدالة والأمان إلى الشعب السوري.

نعزي أهالي الضحايا ونعبر عن تضامننا الكامل معهم في هذه الأوقات الصعبة. نحن ندين بشدة هذه الكارثة البشعة وندعو المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية إلى التحرك الفوري واتخاذ إجراءات عاجلة لمنع تكرار مثل هذه الكوارث الإنسانية المأساوية في المستقبل، ولوقف المعاناة الإنسانية وحماية حقوق الإنسان في سوريا. ونطالب بإجراء تحقيق شامل وعادل حول هذا الحادث المأساوي ومحاسبة المسؤولين عنه. لا يمكن أن نسمح لهذه الجرائم أن تمر دون عواقب.

في السابق، غرقت العديد من المراكب في بحر إيجه، وكثيراً ما تتهم منظمات غير حكومية ووسائل إعلام السلطات اليونانية بإبعاد المهاجرين في البحر لمنع وصولهم إلى اليابسة وتقديم طلبات لجوء.

ووفقاً للمنظمة الدولية للهجرة، غرق 44 شخصاً في شرق البحر المتوسط منذ بداية العام الحالي، في حين بلغ عدد المهاجرين الغرقى العام الماضي 372. وفي حادثة متصلة، تم إنقاذ قارب شراعي منكوب يحمل 80 مهاجراً قبالة جزيرة “كريت”، وتم سحبه بواسطة زوارق خفر السواحل إلى كالوي ليمينس جنوب الجزيرة وفقاً لشرطة الميناء اليونانية.

وقد أفادت الأمم المتحدة بوجود أكثر من 20 ألف حالة وفاة واختفاء منذ عام 2014. ووفقاً للمنظمة الدولية للهجرة، بلغ عدد الوفيات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نحو 3800 حالة العام الماضي، وهو أعلى رقم مسجل منذ عام 2017.

تستمر التحديات والمخاطر المتعلقة بعبور المهاجرين عبر البحر المتوسط، مما يدفع الجهات المعنية إلى تعزيز الجهود الدولية للحد من الخسائر البشرية وتوفير آليات آمنة وقانونية للهجرة.