تعاني المنطقة الحدودية بين شمال غرب سوريا وجنوب تركيا من تداعيات زلزال مدمر ضرب المنطقة مؤخراً، ويز الأزمة الإنسانية والسياسية في المنطقة بطء وضعف الاستجابة الدولية للأزمة، وعدم وجود خطة استجابة واضحة لهذه الكارثة. يعمل المجتمع المدني في المنطقة على دعم اللاجئين السوريين والسكان المحليين المتضررين من الزلزال، وتوفير المساعدات الضرورية للنازحين والمتضررين، حيث يتطلب الوضع الحالي نقل الاحتياجات المُلحّة للشعب السوري في شمال غرب سوريا إلى المجتمع الدولي والجهات المانحة والأمم المتحدة مع وكالاتها المعنية، وتأمين الإطار السياسي والقانوني الصحيح لاستدامة هذه المساعدة، ومنع أي أضرار مباشرة أو جانبية قد تؤثر على اللاجئين والنازحين السوريين في جنوب تركيا وشمال غرب سوريا. كما يجب مراقبة تحركات النظام السوري الذي يحاول استغلال هذه الكارثة الإنسانية لتحقيق مصالحه السياسية، مما يؤدي إلى تدمير الأوضاع الإنسانية والسياسية في المنطقة.

عقد المعهد الأوروبي للسلام (EIP) والرابطة السورية لكرامة المواطن مؤتمراً في 17 آذار 2023، جمع منظمات المجتمع المدني لتقييم الوضع الإنساني والسياسي الحالي للسوريين في جنوب تركيا وشمال غرب سوريا، بعد الزلزال المدمر الذي حدث في 6 شباط 2023. وتم السعي إلى تمثيل صوت السوريين المتضررين من الزلزال، ونقل احتياجاتهم ومخاوفهم وتطلعاتهم قبل مؤتمر المانحين الدولي في 20 آذار.

وحضر هذا المؤتمر أهم  36 منظمة من منظمات المجتمع المدني والمناصرة الرائدة الناشطة في شمال غرب سوريا وتركيا، بالإضافة إلى أصوات وشخصيات من المهجرين السوريين، إلى جانب مجموعة متميزة من الدبلوماسيين الغربيين والباحثين الدوليين المتخصصين في سوريا لإبلاغ المانحين بالآثار الإنسانية والسياسية المدمرة للزلزال الذي ضرب المنطقة، ولمناقشة الواقع الحالي في شمال غرب سوريا، وما هي الاحتياجات الإنسانية والمساعدات الأكثر إلحاحاً للسوريين في شمال غرب سوريا وجنوب تركيا، وكيفية ضمان وصول المساعدات إلى المحتاجين، وضمان استدامة تدفق الدعم والمساعدات الإنسانية إلى شمال غرب سوريا والتغلب على معضلة “المساعدات عبر الحدود”.

وسلط المؤتمر على استثمار كارثة الزلزال للدفع بعملية التطبيع مع النظام السوري وما هي نتائجها على وصول المساعدات للسوريين وعلى مستقبلهم، كما تمت الإشارة إلى تفاقم خطر العودة القسرية للاجئين السوريين في جنوب تركيا والنازحين السوريين في شمال غرب سوريا.

وقد عبرت المنظمات المدنية والإنسانية عن استيائها الشديد من التسييس، الذي أصبح يلاحق المساعدات الإنسانية المقدمة للسوريين. وعلى وجه الخصوص، أعربت تلك المنظمات عن إحباطها وغضبها من تسييس الأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية التي يحتاجها الشعب السوري في ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشها بسبب الحرب والظروف المعيشية الصعبة.

وقدمت تلك المنظمات أمثلة وافرة على الإخفاقات الهيكلية والإجرائية والسلوكية الملموسة في إدارة المساعدات الإنسانية، والتي ساهمت في وفاة العديد من السوريين الذين كان باإمكان إنقاذهم إذا وصلت المساعدات الطارئة إليهم في الوقت المناسب. ولاحظت تلك المنظمات أنه لا يمكن تفسير كيف استغرقت الأمم المتحدة ستة أيام بعد وقوع الزلزال لإيصال أي نوع من المساعدات إلى المناطق المتضررة في شمال غرب سوريا، وكيف توقفت حتى المساعدات المتواضعة التي وصلت فيما بعد من الثالث من آذار.

وناقش مدير الخوذ البيضاء السورية “رائد الصالح”، الآثار الإنسانية المذهلة على السوريين في تركيا وشمال غرب سوريا، وكيف تسبب بطء الاستجابة الدولية في شمال غرب سوريا وتجاهل الوضع في تلك المناطق في إثارة الذعر الشديد.

وأشار الصالح إلى أن آليات عمل الأمم المتحدة لا تخضع لرقابة كافية لإيصال المساعدات إلى مستحقيها، وأكد على عدم ثقة السوريين اليوم بمكاتب ووكالات الأمم المتحدة.

وتحدث الصالح عن عدم ثقة السوريين في الأمم المتحدة وضرورة أن تكون المنظمة محايدة في تقديم المساعدة قبل أن يثق بها السوريون لقيادة العملية السياسية في سوريا، وأشار إلى ضرورة تقييم الاحتياجات بشكل مختلف عما اعتمدته الأمم المتحدة في السنوات السابقة.

وقال الصالح: ” السوريون لا يثقون بالأمم المتحدة. يجب أن يكونوا محايدين في استجابتهم للمساعدة قبل أن نثق بهم لقيادة العملية السياسية في سوريا. نحن لا نتحدث عن الاحتياجات في حد ذاتها، ولكن عن تقييم الاحتياجات نفسه الذي اعتمدته الأمم المتحدة لسنوات. وقد أبلغناهم باستمرار أنه غير دقيق. لقد لاحظنا حجم المعلومات المضللة التي نُشرت من بداية الزلزال، التي نشرتها تحديداً الأمم المتحدة، ومنها مثلاً السيد مدير منظمة الصحة العالمية عندما صور فيديو لدمار في مناطق، في منطقة معرة النعمان وهي مناطق دُمرت في 2018 بالبراميل المتفجرة ونشرها على صفحته على تويتر بأن هذه جراء الزلزال”.

وأكد الصالح على ضرورة المساءلة عن عدم الاستجابة الأممية للطوارئ وعدم تلبية الاحتياجات الإنسانية في الوقت المناسب في المناطق المتضررة بالزلزال في شمال غرب سوريا، كما أكد على أهمية تقديم المساعدة الفورية واللازمة للمنكوبين في هذه الحالات: “كانت عائلاتنا وفرقنا محاصرة تحت الأنقاض، لكن هذا لم يوقف استجابتنا للزلزال في شمال غرب سوريا. يجب أن تكون هناك مساءلة عن عدم استجابة الأمم المتحدة للطوارئ. كما شدد على ضرورة منع تلاعب روسيا بالمساعدات واستغلال النظام السوري للوضع الحالي بعد الزلزال، “لا نريد أن تتلاعب روسيا بالمساعدات وأن يستغلها نظام الأسد. السوريون يريدون مساعدة محايدة، بكرامة، دون موافقات من الفروع الأمنية للنظام. نحن لا نحتاج فقط إلى الاستجابة للزلازل، ولكننا نحتاج إلى تغيير شامل في تقييم الاحتياجات”.

وأضاف الصالح “نحن طالبنا مع شركائنا في مختلف انحاء العالم ومع والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وألمانيا وهولندا والسويد وفرنسا وكل الدول التي اجتمعنا معها، طالبناهم بإخراج المساعدات من مجلس الأمن. نحن لا نريد أن تخضع هذه المساعدات لابتزاز سياسي روسي. اليوم النظام السوري يحاول استغلال هذه المساعدات الإنسانية بكل الطرق، ونحن لاحظنا كمية الاستغلال كيف حدثت. لذلك السوريين اليوم لا ينتظرون فقط أن تأتي المساعدات لا … ينتظرون أن تأتي هذه المساعدات بحيادية. أن تصلهم بكرامة. أن تصلهم دون أن تأخذ 23 موافقة جهاز أمن في دمشق”.

وتحدث هشام ديراني من منظمة بنفسج عن الأوضاع الإنسانية ما قبل الزلزال، التي أثرت بشكل كبير على الاستجابة الحاصلة لكارثة الزلزال، ووصف ما حدث للنازحين السوريين في شمال غرب سوريا عندما ضربتهم عاصفة ثلجية، وكيف أدت إلى “إغلاق الطرق وانهيار كبير جداً لعدد كبير من الخيم وآثار إنسانية كبيرة وضخمة جداً وكانت السمة الكبيرة ببطء الاستجابة، عدم الجاهزية، عدم وجود المواد والتحضيرات لفصل الشتاء خصوصاً من قبل الأمم المتحدة، وكان التعلل بشكل كبير كثيراً بضعف التمويل”.

وأكد ديراني على “أننا لا نرى إطلاقاً كمنظمات سورية أي داعي أو مبرر لاستمرار قبضة المجلس الأمن وتحكم مجلس الأمن بقرار المساعدات الإنسانية عبر الحدود ونرى أنه لا يوجد أي مانع قانوني من استمرار هذه المساعدات عبر الحدود بوجود الأمم المتحدة وبتنسيق منها، ولكن دون الحاجة لقرار المجلس الأمن”.

وختم ديراني بقوله: “نحن نواجه فجوة كبيرة جداً في تغطية الاحتياجات هناك ضرر كبير جداً حصل على البنية التحتية وعلى المؤسسات والمنشآت الخدمية الإنسانية ومنها المشافي أكثر من 55 مشفى تضرر خلال هذه الفترة”.

ونوهت المديرة الإقليمية لهيئة الإغاثة الدولية “هدى الأتاسي”: “أن الاحتياجات ما قبل الزلزال كانت كبيرة. حجم المساعدات التي كانت تدخل إلى المناطق هي 30% من حجم الاحتياجات المطلوب فعلياً. ولذلك نحن في شمال غرب سوريا، أتى هذا الزلزال لكي يقضي على النذر اليسير الذي كنا قد عملنا به خلال العشر السنوات السابقة. من بنى تحتية من محطات مياه من مشاريع تمكين اقتصادي من مشاريع تمكين للنساء مدارس مستشفيات. هذا الزلزال قضى على 70% تقريباً من الأعمال المدنية التي قمنا بها سابقاً”.

وأشارت الأتاسي إلى “مطالبات الأمم المتحدة ومكاتبها بشكل شبه يومي بإرسال تقارير عن حجم الاحتياج، مع أن فرق الأمم المتحدة هي تعلم تماماً حجم الاحتياج وتعلم كم مقصرة سابقاً في تقديم هذا الاحتياج”.

وتحدثت الأتاسي عن فشل الأمم المتحدة في تقديم الإغاثة الطارئة لمناطق شمال غرب سوريا قبل وقوع الزلزال، ويرجع ذلك إلى القرار السياسي الذي تم اتخاذه من قبل في تقديم المساعدات عبر النظام السوري في دمشق، والذي تسبب في تأخير وتعقيد عملية توزيع المساعدات وإيصالها إلى المحتاجين في المناطق المتضررة من الزلزال، وحثت الأتاسي على ضرورة تبني إجراءات جديدة وفعالة لتحسين وتسريع توزيع المساعدات والإغاثة للمحتاجين.

وقالت الأتاسي: “فشلت الأمم المتحدة في الاستجابة الطارئة لشمال غرب سوريا قبل الزلزال يرجع ذلك بشكل رئيسي إلى القرار السياسي لتقديم المساعدات عبر دمشق. نحن لا نقبل أي ضغط لتلقي المساعدة من خلال نظام الأسد. نطالب بتقديم المساعدة مباشرة إلى المنظمات السورية العاملة في شمال غرب سوريا”.

وطالبت الأتاسي “بعد تسييس الحالات الإنسانية، الكل سمع بشام، شام هذه الطفلة الصغيرة التي فقدت رجليها في الزلزال، كيف استغل النظام خروجها من شمال غرب سوريا إلى تركيا ومن ثم إلى الإمارات لكي تقوم زوجة الرئيس أسماء بهذه المقابلة!”.

وأضافت الأتاسي “الحقيقة شيء مقزز للنفس أن تُستغل الطفولة أن تُستغل الكوارث أن تُستغل مصائب الناس بهذا الشكل. حقيقةً، نحن نعلم من ساعد شام ومن أخرج شام من شمال غرب سوريا ومن ساعدها للوصول إلى تركيا ومن ساعدها للوصول إلى الإمارات، ولكن أن يتم استغلال هذه المصابة وهذه الطفولة بهذا الشكل هو حقيقة أمر غير مقبول. نطالب الجميع بأن يتعاملوا إنسانياً مع منكوبي الزلزال، أن يتعاملوا إنسانياً مع المتضررين من هذا الزلزال”.

واستعرض مدير البرامج في مكتب الجمعية الطبية السورية الأمريكية (سامز)، د. بشير تاج الدين، الكوارث الصحية التي ضربت شمال غرب سوريا خلال السنوات الماضية، وكيف تصدى لها السوريون بأنفسهم، من حالات صحية حرجة وكيف تعاملت الكوادر الطبية مع قلة المستلزمات الطبية ومع حالات الإصابة بقصف النظام السوري للشعب بالأسلحة الكيماوية، ومن ثم كيف تم التعامل مع مصابي كوفيد 19 ووباء الكوليرا على الرغم من ضعف الاستجابة والتمويل اللازم.

وقال تاج الدين: “الآن وفي خضم وباء الكوليرا الذي لا يزال موجوداً في شمال غرب سوريا، جاء الزلزال وألقى بحمله الإضافي. للأسف الزلزال هو استجابة طارئة. وتقريبا الوحيدون الذين استجابوا للزلزال خلال الأسبوعين الأولين هم العمال الإنسانيون في شمال غرب سوريا. لدي الكثير من القصص، أطباء كانوا في المشافي استجابوا لإصابات من الزلزال وعائلاتهم عالقة تحت الأنقاض وفقدوا أبناءهم وزوجاتهم تحت الأنقاض سواءً في سوريا أو في جنوب تركيا”.

وأكد تاج الدين أن الاستجابة للكارثة التي حدثت بفعل الزلزال كانت فقط من مخازن وموارد المنظمات داخل سوريا. ولم تتحرك أي مخازن أو موارد من الخارج ومن مستودعات الأمم المتحدة إلا بعد عدة أيام ولم تكن كافية للاستجابة لحالات الطوارئ، ولم تصل الشحنات الإضافية في الوقت المناسب.

وأشار تاج الدين إلى الحاجة لتعويض الاستهلاك الشديد للمستلزمات الطبية، ووضع مخزونات طوارئ للاستجابة لأي حادثة مستقبلية. أيضاً سنحتاج لبرامج طويلة الأمد، من برامج الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي. أيضاً برامج العلاج الفيزيائي طويلة الأمد للتعامل مع الإصابات، لتقليل الإعاقات قدر الإمكان أو الأضرار الجسدية والنفسية المعيقة.

أشار المدير التنفيذي في منظمة محامون وأطباء من أجل حقوق الإنسان، محمود أسود، إلى التخوف من أي قرار سياسي قد يؤثر على السوريين في المنطقة، وقال: “واجب على الأمم المتحدة والدول إيجاد الحلول لجعل العمل الإغاثي الإنساني عبر الحدود هو أمر إنساني روتيني يرقى لحماية الإنسان من عواقب المخالفات والتناقضات السياسية”.

وناقش السفير السابق للتحالف السوري لدى الولايات المتحدة، قتيبة الإدلبي، قضية تخلي المجتمع الدولي عن المناطق المتضررة من الزلزال في شمال غرب سوريا وتركها من دون مساعدة، في وقت ما تعانيه تلك المناطق من الأزمات الإنسانية، وأشار إلى عدم كفاءة الأمم المتحدة في توفير المساعدات الإنسانية للنازحين في شمال غرب سوريا، وخاصة في ظل حالات الطوارئ مثل الزلزال. وأكد أن هذه هي اللحظة المناسبة لإصلاح هذا الوضع ودفع المجتمع الدولي للقيام بدوره في توفير المساعدة والإغاثة لشمال غرب سوريا.

وقال الإدلبي: “ترك المجتمع الدولي شمال غرب سوريا من أجل إنقاذ تركيا. هذه لحظة لإصلاح هذا الأمر ولكي يقوم المجتمع الدولي بدوره. من غير المقبول أن مستودعات الأمم المتحدة على الحدود لم تكن مجهزة للاستجابة لحالات الطوارئ لشمال غرب سوريا، بينما كانت المنظمات السورية أفضل استعداداً”.

وأشار الإدلبي إلى وجود عدة مشاكل بنيوية تحتاج إلى حلول فورية. وأن أول هذه المشاكل تتعلق بمنح النظام السلطة على إدخال المساعدات، ما يعكس الحالة السياسية بين روسيا والصين من جهة وأمريكا وفرنسا وبريطانيا من جهة أخرى.

والمشكلة الثانية، وهي عدم جاهزية مستودعات الأمم المتحدة للتعامل بشكل سريع مع الأزمات. على الرغم من وجود مستودعات قريبة من الحدود، إلا أنها لم تكن جاهزة لتقديم الاستجابة الفورية، بعد مرور عشر سنوات منذ بداية النزاع في سوريا.

وتتعلق المشكلة الثالثة بعدم وجود هيئات حكومية وسياسية قادرة على التواصل مع الدول وتقديم المشاكل الموجودة في شمال غرب سوريا. وأوضح أن هذه المشكلة تتجلى في عدم قدرة المعارضة على الانتقال من حالة الثورة إلى حالة الحكم والإدارة بعد انقضاء 12 عاماً من بدء الثورة.

وتتمثل المشكلة الرابعة في ترك المجتمع الدولي تركيا تواجه العواقب الإنسانية والأمنية لوحدها في شمال غرب سوريا، مما أدى إلى تأخير الدعم والمساعدة وحتى عمليات الإنقاذ لعدة أيام. مشيراً إلى أن منذ عام 2019، أصبح شمال غرب سوريا مسؤولية تركيا فقط.

ومن بين الحلول التي اقترحها الإدلبي، يأتي الحل الأول الذي يتمثل في تحسين وضع إدخال المساعدات، بدلاً من تغيير المعابر. وأوضح أن المعابر تعكس الشرعية الدولية بالنسبة للنازحين الهاربين من مناطق سيطرة النظام السوري. وأشار إلى أن الحلول يجب أن تكون مستدامة بدلاً من قصيرة المدى.

كما دعا إلى تجاوز الفيتو الروسي عن طريق عدم ربط إدخال المساعدات بقرار مجلس الأمن، وطالب بتقديم مقترحات من قبل الدول الغربية (أمريكا وفرنسا وبريطانيا) لتمرير قرار إدخال المساعدات دون الحاجة إلى موافقة روسيا.

واكد على ضرورة عمل منظمات المجتمع المدني والفاعلين على الضغط على المعارضة نفسها لتحمل مسؤولياتها والتواصل مع الجهات التركية لتمكينها من حكم نفسها وتقديم المساعدة والإغاثة للمناطق المتضررة، “ويقولوا بصوت عالي هناك سوريين تحت الأنقاض، فيجب أن تدخل المساعدات يجب العمل بشكل حثيث على ملء الفراغ السياسي الموجود في المعارضة”.

وفي الختام، شدد الإدلبي على أهمية التعامل بشكل جدي مع الفراغ السياسي الموجود في المعارضة وضرورة وجود خطة طوارئ للأمم المتحدة للتعامل مع الكوارث وضمان استجابة سريعة في مثل هذه الحالات، قائلاً: “الأمم المتحدة ليس لديها خطة طوارئ وتتعامل مع كارثة الزلزال وكأن الوضع طبيعي، ففي شباط 2022 أدخلت 14 شاحنة، وفي شباط 2023 أدخلت 8 شاحنات بعد 10 أيام، وكأنه لا استجابة لكارثة الزلزال!”.

وعلق عضو الرابطة السورية لكرامة المواطن، د. سمير التقي، على أن “الأمم المتحدة حينما أرادت أن توصل المساعدات إلى مناطق داعش أوصلتها. وقضية التوافق الدولي هي بالأصل الأمم المتحدة ليست فقط مؤسسة دول، الأمم المتحدة فيها أكثر من ثلث منظماتها ليست دول. والصليب الأحمر الدولي ليس منظمة دول هو يوصل للمتقاتلين المساعدات بأي شكل”.

وأشار التقي إلى أنه عندما أرادت الأمم المتحدة إيصال المساعدات الإنسانية إلى دول أخرى غير سوريا، تم ذلك استناداً إلى الحق في التدخل الإنساني، الذي يتجاوز كثيراً الوضع القانوني الراهن.

واستعرض رئيس قسم السياسات بالمجلس السوري الأمريكي “محمد علاء غانم” محاولات النظام السوري استغلال الزلزال الذي حدث في شمال غرب سوريا، وذلك من خلال إطلاق حملة لرفع العقوبات المفروضة عليه وتطبيع العلاقات مع الدول الأخرى، بدلاً من التركيز على مساعدة المتضررين. مؤكداً عدم اهتمام النظام بالمشكلات الإنسانية التي يعاني منها الشعب السوري وعدم توجهه نحو حلول عملية لتحسين أوضاعهم. وهذا يعد تحدياً لدور المجتمع الدولي في مساعدة النازحين والمتضررين في سوريا، ويتطلب تصدياً فورياً وجهوداً دولية للتعامل مع هذه الأزمة الإنسانية الخطيرة.

وقال غانم: “بدلاً من الحداد، رأى نظام الأسد فرصة في الزلزال وأطلق حملة لرفع العقوبات وتطبيع العلاقات”. وأكد أن النظام السوري لم يتوقف عن قصف شمال غرب سوريا وحصارها، بل وقام بإطلاق حملة كبيرة لرفع العقوبات التي فُرضت عليه نتيجة لجرائمه على مدى 12 عاماً. ويهدف النظام من هذه الحملة إلى دفع الدول الأوروبية لتحمل فاتورة إعادة إعمار ما دمره بالتعاون مع روسيا وإيران.

وأشار غانم إلى أنهم قاموا بتحركات في الولايات المتحدة لمواجهة حملة النظام، حيث تواصلوا مع الهيئات السياسية، وعلى مدى أسبوعين كنتيجة لذلك، أصدر الكونغرس الأمريكي قراراً موحداً بالرقم 132 كاستجابة لكارثة الزلزال بشبه إجماع ومن قبل الحزبين في أمريكا.

وأضاف أن هذه ليست المرة الأولى التي يستغل فيها النظام الكوارث، حيث في عام 2017، بعد سيطرته على حلب، “خرج النظام وروسيا للمطالبة بإعادة إعمار المناطق التي دمرها النظام نفسه وفي ذلك الوقت تحركوا للتصدي لهذا التوجه”.

وتحدث أيضاً عن “توقف الولايات المتحدة عن دعم الجبهة الجنوبية، مما أدى إلى غرق البلاد في موجة من الفوضى والاغتيالات، واستخدم النظام مدينة درعا كرأس حربة لتصنيع وتصدير الكبتاغون للأردن والخليج”.

وأشار غانم إلى أن النظام يخزن المساعدات ويوزعها كما يشاء، وهذا يعزز القوة العسكرية للنظام ويساهم في قتل السوريين وتهجيرهم وتفاقم أزمة اللجوء.

وأكد أن ملايين السوريين لن يعودوا إلى سوريا طالما أن بشار الأسد ما زال في السلطة، وأن السوريين يرغبون في العودة إلى مناطقهم الأصلية بدلاً من الاستمرار في مناطق النزوح. وأشار إلى أن “عدم تأمين الاحتياجات الأساسية مثل التعليم للأطفال يزيد من احتمالية انضمامهم إلى التنظيمات مثل هيئة تحرير الشام”.

وأكد غانم استمرارهم في النضال من أجل السوريين المضطهدين والانتقال السياسي ومحاسبة المجرمين. وأعرب عن عدم الثقة في خطة “الخطوة بخطوة”، حيث قال إن النظام أعلن صراحة هدفه في استعادة كل متر من سوريا وأن وزير الخارجية صرح بأنه سنغرقكم بالتفاصيل. وذكر أن روسيا والنظام شنوا حملة عسكرية في عام 2019 على شمال غرب سوريا، مما أدى إلى تشريد مليون شخص في ظروف مناخية قاسية رغم وجود اتفاقيات خفض التصعيد ووقف إطلاق النار.

وأشار غانم إلى أن الشخصيات السياسية الدولية من الأخضر الإبراهيمي لكوفي عنان لديمستورا لغير بيدرسون لم تحقق شيئاً، وأن النظام ما زال يتجه نحو الخيار العسكري ويضيع الوقت في خطوات فارغة.

وتحدث د. مروان نزهان عضو مجلس أمناء الرابطة السورية لكرامة المواطن عن وضع النازحين واللاجئين السوريين بعد حدوث الزلزال، الذين لم يعد يمكنهم العودة إلى منازلهم، وأصبح آلاف منهم بلا مأوى. واستعرض الظروف الإنسانية القاسية التي يعيشها السوريون وفقدانهم لكل ما يملكون مرة ثانية، وهم بحاجة الآن لأدنى مقومات الحياة. وأوضح تداعيات ترك السوريين وحدهم لمواجهة هذا الواقع الصعب، قائلاً: “هذا الوضع الصعب وتداعياته يدفع اللاجئين والنازحين إلى خيارات صعبة، فاللاجئ قد يضطر حالياً إلى العودة إلى الشمال السوري، وبالتالي تفاقم الأزمة هناك لأن المنطقة غير مهيئة من حيث البنى التحتية لاستيعاب أعداد أكبر. والظروف المعيشية والأمنية أيضاً غير مناسبة في تلك المنطقة. أو قد يدفع ذلك باللاجئ أو النازح بالتفكير بالهجرة إلى أوروبا، وبالتالي سنكون أمام موجة هجرة جديدة”.

وأكد نزهان أن لم يبق أمام النازحين واللاجئين السوريين إلا خيار العودة القسرية، “الخيار الأسوأ للاجئ والنازح هو الإعادة القسرية غير المباشرة لمناطق سيطرة النظام، وبالتالي يصبح عرضة لخطر الاعتقال أو القتل أو الابتزاز أو التغييب القسري”.

وأشار كنان دياب، منسق منتدى أصوات لأجل المهجّرين السّوريين (VDSF) إلى أن القضية لا تقتصر على عودة الأشخاص فقط، بل تتضمن أيضاً توفير بيئة متكاملة تساعد العائدين على التأقلم من جديد في سوريا، وذلك من خلال التركيز على التعليم والثقافة. ويؤكد أنه لا يجوز التحدث عن عودة اللاجئين قبل التأكد من توفر بيئة آمنة، حيث تشهد العديد من الحالات عقب عودتها اعتقالاً واختفاءً قسرياً في غضون عام واحد فقط من العودة، حيث قال: “القضية ليست مجرد العودة الفيزيائية للأشخاص وإنما هي منظومة متكاملة تهيء الأرضية لتأقلم العائدين من جديد مع سوريا كتعليم وثقافة. من غير المجدي الحديث أبداً عن العودة قبل تأكيد تحقق البيئة الآمنة لأنه هناك الكثير من الحالات التي تم اعتقالها بعد عودتها وضمن سنة واحدة فقط من العودة واختفائها قسرياً”.

وأضاف د. مازن كسيبي عضو مجلس الأمناء العام في الرابطة السورية لكرامة المواطن “نقطة هامة تتعلق في موضوع التعليم، مشيراً إلى وجود مئات الطلاب الجامعيين، الذين لم يستطيعوا دفع الرسم البالغ حوالي 50 دولار في الفصل الدراسي، وكانوا خارج دائرة التعليم بسبب الضائقة المالية، هنالك عشرات الآلاف من الطلاب في المراحل جميعها خارج دائرة التعليم. لذلك أتمنى أن نضيف البند الأساسي، الذي هو التعليم. التعليم يلزمه الدعم الكبير. وأريد أن أؤكد على أن أهلنا السوريين الموجودين في تركيا والذين تعرضوا لهذا الزلزال الكارثي لا زالوا في الشوارع، لا زال قسم كبير منهم يعاني ولم نسمع حتى الآن من الأمم المتحدة ومنظماتها أي خطة لدعم وضع هؤلاء السوريين. طبعاً العبء كبير على تركيا ولا نستطيع أن نطالب تركيا بأي شيء الآن. المجتمع الدولي يجب أن يأخذ على عاتقه حماية ورعاية متضرري الزلزال السوريين في تركيا”.

يدرك المتأثرون بشكل مباشر والذين يعملون على قضايا الطوارئ أن هناك حاجة ماسة لنقل الاحتياجات الملحة للشعب السوري في شمال غرب سوريا إلى المجتمع الدولي والجهات المانحة والأمم المتحدة مع وكالاتها المعنية. ولا تشمل هذه الاحتياجات مجرد البقاء على قيد الحياة بعد الزلزال فحسب، بل تشمل أيضاً بدء مرحلة التعافي، وتأمين الإطار السياسي والقانوني لاستدامة المساعدة والوقاية من أي أضرار مباشرة أو جانبية قد تؤثر على السوريين في شمال غرب سوريا وفي جنوب تركيا.

لقد وفر هذا المؤتمر منصّة جمعت الأصوات السورية الناشطة كان فرصة ثمينة للتعرف على احتياجات ومعاناة ضحايا الزلزال في سوريا، وتقديم رؤية شاملة للبانوراما السورية بعد الزلزال. وتم رفع توصيات هذا الاجتماع بشكل مباشر إلى مؤتمر المانحين وصانعي القرارات والسياسات لتوضيح ما يتوقعه الشعب السوري من المجتمع الدولي في هذه الظروف الأليمة التي يعيشها منذ أكثر من عقد والتي تفاقمت بعد الزلزال. وبالنظر إلى أن أصوات المجتمع المدني السوري لن تُسمع في المؤتمر نفسه، فإننا نعتقد أنه من الأهمية بمكان لهذه المطالب أن تسترشد بعمل مؤتمر المانحين والمشاركة اللاحقة في تقديم المساعدة للسوريين المتضررين من الزلزال.